في العام 2001 انتقلت لأعمل معلماً في مدرسة اليرموك وهي مدرسة عريقة من المدارس العتيقة في غزة والتي لها صيت ذائع فدخلت المدرسة بحماسة متقدة، وهمة وثّابة لأصطدم بمدير ... حاول اطفاء حماستي وإحباط همتي، فكان أن كتبت أعبر عن مشاعري بعد سنتين من المعاناة في لحظة احتدم فيها الخلاف بيني وبينه علّ الرسالة تصل إليه فيصلح من نفسه، فكانت هذه الخاطرة...
قلت هذا بستاني.. هذي جنتي.. فيها أعطي ولا أبخل، أعمل ولا أكلّ، اجتهد، ولا أملّ، فهي جنة بربوة إن أصابها وابل آتت أكلها ضعفين، وإن لم يصبها وابل فطل.
ظننت الأرض نقية تمسك الماء، وتنبت الكلأ، فما وجدتها كذلك..
ويا حسرتاه.. لقد وجدتها قيعة.. ووجدت الماء فيها سراباَ..
أتعبني المسير.. نظرت لعلي أرى شجرة أستظل بظلها..
فرأيت صبارة تقف وسط الحر شامخة، لها ظل يسير..
قلت يا صبار لك شوك.. وظلك قصير..
أأقف إلى جوارك.. أم أسير.. حاولت السير.. ولكني وجدت نفسي لهذا المكان أسير..
غرني السراب.. غرتني القشور..
وامتهنت التعليم ظاناً أنها تجارة لن تبور..
فوجدت تهديداً ووعيداً بالويل والثبور.. ووجدت تعقيداً لكل الأمور..
ما أكثر الدفاتر والسجلات..
قيم وسلوك..وتحضير ومرافق.. علامات ومستويات وواجبات، وأحوال.. وغياب وحضور..
وإن غفلت لحظة.. أو تكلمت كلمة.. فقد أفسدت الطابور..
وهو الأهم والأولى، وأما الدرس فيكفي فيه مجرد المرور..
وإن اعترضت.. فكأنك تنادي من في القبور..
وإن رفعت الصوت شاكياً.. فالويل لك كيف تزعج المقبور..
كيف تتجرأ على القول بأن العادل يجور..
يقولون لك إن الصدر رحب.. والصدر كالتنور يفور..
فإن نبست ببنت شفة فأنت الذي أطفأت كل نور..
ففمك هذا يفيض كبراً وغرور.. وأنت عن الأنشطة غائب فليس لك حضور..
ومكانك في عالم النسيان أصلاً.. فمن أذن لك بالظهور..
فاذهب وتوضأ.. أو حتى صل بغير طهور..
فالمهم ألا تتكلم.. ومهما اضطهدت فعليك أن تبدي البشر والسرور..
هذي شكوى صابر.. فكيف بشكوى المقهور؟!..
أبو محمد
17/9/2003
20 رجب 1424ه