الجمعة، 28 أكتوبر 2011

الاختبار قبل الاختيار

أحيانا نجعل من الأمور الصغار كباراً، ونعطي لبعض الناس أوزاناً أكبر مما يستحقون، ونجعل لهم في القلب مكاناً ليسوا له أهلاً، ولا هو بمكانهم أصلاً، لأنهم لم يصلوا بأخلاقهم، ودينهم إلى تلك المرتبة، فنصدم بهم عند أول اختبار، ويرسبون، بل يتهاوون تهاوياً مدوياً، فلا يجني القلب إلا حسرة وألماً، كان في غنى عنهما لو أنه أحسن الاختيار منذ البداية، ولو أنه أعطى لهم الحيز الذي يستحقونه، فانزال الناس منازلهم نعمة كبرى، تجنبك الحسرة والألم خصوصاً في قلبك، فإنه مكان غال وسامق لا يجوز أن يدخله الناس ويحتلون فيه أماكن مميزة قبل أن يثبتوا أنهم اهل لذلك، بالفعل لا بالكلام، لذا درس اليوم اختبر قبل أن ترافق، واختبر مرة ومرة قبل أن تصاحب، واختبر ألف مرة قبل أن تحب، فقلبك ليس محطة قطار، بل يجب أن يكون مقاماً لمن يستحق، وفق مراد الله وأمره.
تدبر هذه النصيحة الغالية وتمعن فيها فهي تصلح في كل زمان ومكان، ومع كل أحد تتعرف عليه، وهي غالية نفيسة تجنبك آلاماً أنت في غنى عنها، وتجنبك الولوج في تجارب مقطوعة الأمل، مبتورة المستقبل، تطعنك في خاصرتك مرة بعد مرة، وإياك والمتطفلين، أولئك الذين يدخلون عالمك رغماً عنك، ويوسعون لأنفسهم مكاناً في الصدارة فلا تتركهم يفعلوا ذلك معك، وأعطهم حجمهم وحجمهم فقط، بذلك تنجو من مهلكات كثيرة، ومنزلقات خطيرة قد تنزلق إليها وأنت لا تدري، فكم من عاشق انتهى به عشقه إلى الانتحار فخسر الدنيا والآخرة، وكم من صديق أساء اختيار أصدقائه فكان مصرعه على أيديهم، ومن خلف ظهره بطريقة غادرة خسيسة، وكم من أحمق أرداك حيث أراد أن ينقذك، وأصابك حين أراد ينبهك، وكشف سترك حين رام أن يسترك، فالحذر الحذر فليس كل الناس أهل لصحبتك.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

أخي الأستاذ أحمد،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نصائح وحكم ونصوص رائعة تستحق القراءة والتدبر في معانيها... بارك الله فيك وجزاك خيرا. وإلى الأمام في طريق الإبداع والتميز.

أخوك في الله/
د. محمد الريفي

Unknown يقول...

مروركم زاد تلك النصائح عمقاً، وتميزاً، بارك الله فيكم د. محمد، في انتظار مروركم القادم. تحياتي
أخوكم في الله/
أحمد محمد أبو ندا