الثلاثاء، 1 نوفمبر 2011

حنانٌ شاحذ لا إشفاق مثبّط


كثيراً ما نشفق على الآخرين لما نرى مصاباً ألم بهم، نحاول أن نظهر التعاطف معهم، والوقوف إلى جانبهم، فتنهال كلمات الشفقة والتضامن على المصاب كسيل العرم، يستقبل كلماتنا في البداية بتفهم، وأحياناً يكون من أصحاب الاعتداد بالنفس فيردنا بلطف مع بداية كلماتنا، لكن البعض يمضي يبالغ في إشفاقه حتى يكاد يقتل صاحب المصيبة ويزيد همه، حتى يكاد يخلع قلبه، وكلما كان المصاب معتداً زاد ألمه من هذا الإشفاق المؤلم.

وأحياناً لا يكون المصاب منتبهاً لمصابه، بل وربما لا يدري أنه مصاب فيأتي المشفقون المبالغون لينبهوه إلى تبعات لم يكن يعلمها، فيحملونه هماً أكبر من ذاك الذي كان يحمله، فقد ينهار ان كانت مقاومته ضعيفة، أو ينكر وربما ينفعل عليهم ان كان من اصحاب الاعتداد الذين تحدثنا عنهم في غرة هذه الخاطرة.
على كل حال قاعدة تثبت نفسها في كل مرة، لا شيء مثل التوازن، فاظهار التعاطف مطلوب لكن المبالغة فيه جارحة، ومحبطة، ومؤذية، وتؤتي بعكس النتائج المتوقعة، بل وقد تظهر من رام التقرب للمصاب في صورة الشامت الذي يريد تحطيم معنوياته، فلا داع لتلك الشفقة القاسية، ولا لهذا الحنان المؤلم، وخير الأمور أوسطها، فلا بأس أن نظهر قليلاً من التعاطف، لكن مجبولاً برفع الهمة، وبث الأمل، والقفز عن واقع الحال، فإنه أدعى لتشجيع المصاب، وتحفيزه على تجاوز محنته، وتصغير ما ألم به في عينيه، وشحذه بتلك القوة التي لا تقهر القوة الداخلية خصوصاً لو مزجت بتلك المعاني الروحانية، والقرب الإلهي، والاصطفاء لأصحاب الابتلاء، وما أعد لهم سبحانه من أجر، ورفعة، وتكفير ذنوب..

هناك تعليقان (2):

Ansam يقول...

الشفقة النابعة من القلب والمصحوبة بالحكمة في الكلمات والوسائل لا بأس بها إن كانت صادقة فعلا ومُبتغى بها وجه الله .. صاحبها سيحاول بذل الكثير من الإيجابية ليرفع الهم عن ذلك الرفيق..
دام فكركم

Unknown يقول...

كلماتي تلك من واقع تجربة قاسية مررت بها، وكنت أحاول مقاومة تيار جارف بكل ما أوتيت من قوة، ويومها كانت كلمات من أثق باشفاقه، وحبه محبطة إلى أبعد ما يتصور، ولولا أني طلبت منه الكف ومضيت لكان الاستسلام لواقع يصعب التعايش معه مصيري، لكن تثبيت الله حينها، وترك تلك الكلمات الشفيقة المثبطة كان خير وسيلة للمضي، ولذلك أسميت ما وصفته انت بشفقة نابعة من القلب مصحوبة بالحكمة في الكلمات والوسائل بحنان شاحذ لأن هذا ما ستولده حتماً لكن المذموم هو ذلك النوع من الشفقة المثبطة، شكراً لمرورك وتعليقك.