الاثنين، 21 نوفمبر 2011

أسترضيك يا حبيباً هجرته أياماً...

ليست الحالة كما كانت..
لست دري ما سر توقفي عن الكتابة فجأة، ولا سر انقباض صدري دون مبرّر.. 
لكن لا رغبة لدي في الكتابة كما كنت قبل أيام، رغم أني أنهيت معظم ما جدولت من مهام، ومن المفترض أن يشكل كل هذا لدي دافعاً وباعثاً لمزيد من العمل، والتوقد، لكنني أشعر أنني لست في الحالة التي كنت عليها قبل فترة وجيزة.
أشعر بتشتت غريب، وأجدني مبعثراً ومتشظياً، ولا أدري لذلك علة، ولا سبباً، أراني كأوراق منثورة على مكتب رجل شعره منكوش، وعيناه شاخصتان، ينظر لكن لا يرى شيئاً، وفي رأسه ألف حكاية وحكاية، وفي ذاكرته ألف قصة هزلية، يحمل هموم الارتقاء، وكلاليب التخلف تنهشه على جانبي صراط التطور، وذئاب البر تتربص بأسرار قوته، مشتّت مبعثر منثور، لكن ما يواسيني أنها صفات الذهب قبل استخلاصه عندما يكون بين الصخور، وعندما يمتحن المعدن يتميز الغث من السمين، ويطفو الخبث، وينقى التبر، وأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
من أعجب ما وجدت من تجربة الكتابة وتفريغ الخواطر، أنني أحياناً أمر بحالة نفسية لا أدري سببها سواء كانت سارة أو غير ذلك، وما أن أبدأ بالكتابة حتى تبدأ رموز وطلاسم تلك الحالة بالتفكك، وتصبح سهلة القراءة ميسورة الفهم، وتتداعى الأفكار دون سابق ترتيب، فتتبين لي أسباباً كنت أجهلها، واصبح على دراية بالفعل بما أمرّ به حقاً، وتستصحبني حالة من الفهم أعمق، لما كان يدور في عميق نفسي، وكنت عنه غافلاً، وله جاهلاً.
الكتابة نعمة لا يدرك أسرارها إلا من غازلها، واعتاد على وصالها، فهي محبوبة مخلصة، تعطي أكثر مما تأخذ، وهي صريحة في غاية الصراحة، تبوح لك بأسرار نفسك وتخبرك عنك ما كان خافياً عليك، فحق لها أن تتربع عرش القلب بلا منازع، لأنها أجود من يفهمه، وأفصح من يتحدث باسمه، فهي تعرف مكانها، ومكانتها، وامكاناتها، فقد تمكنت مني أيما تمكن، ولست أقوى على العيش بدونها، وأجدني مرغماً على الاعتذار لصديقتي الكتابة عن هجراني لها.
عذراً قلمي فلست أنساك، ولست أهجرك، فأنت خير رفيق، وأوفى صديق لا تتكلم إلا بما أريد، ولا تبوح إلى بما أشير عليك به، ولست تكتب شيئاً يغضبني، بل أنت متنفسي، وأنت سلواي، وأنت رفيقي.

ليست هناك تعليقات: