اثناء تصفحي للفيس بوك تكرر أن كتب أحد معارفي عبارات يلوم فيها الناس، ويسب فيها أخلاقهم، ويشكو فيها انتهازيتهم، ويرسم صورة يغلب عليها السواد، وتنبعث منها رائحة التخوين، وتهتز من جوانبها كل معاني الثقة في الآخر.
جوٌ كئيب تتركه كلماته في قلبي، وتغلب علي مشاعر الشفقة نحوه، وأتمنى لو استطعت أن امسح على رأسه، أو أربت على كتفيه، أو أواسيه بكلمة رغم قناعتي بأن ذلك لن يجدي معه نفعاً، فكان أن خطرت لي بعض المعاني التي قد تنفع مع من يشعر بتلك المشاعر فالراسخ أن الدنيا ليست دار استمتاع، ولا دار مقام، بل هي دار كفاح، وزرع، وهي دار ممر لا دار مقر، وافتراض الخير في الناس كلهم، وتوقع تفانيهم في خدمتك وايثارهم لك على أنفسهم سبب كل تلك المشاعر الحزينة، لأنك عند أول احتكاك بشخص ليس على مستوى توقعاتك، أو وضعته في منزلة أكبر من تلك التي يوليك إياها، أو التي يستحقها سوق تصدم، وأنا أزعم أن كل واحد منا واجه مثل هذا الموقف إن لم يكن مرة فمرات.. فليست تلك نهاية الدنيا، ولا ختام المطاف.
بل أقول لكل من شعر بأن من حوله يخذلونه، أو شعر بكثرة الحساد من حوله لنجاحه وتفوقه، أقول له لم تكن الحياة يوماً ناعمة ولا ملساء، بل يكافح العظماء وينحتون الصخر، ولا يشغلون أنفسهم بالعويل والبكاء، ولا بالشكوى والتذمر، بل يشقون طريقهم بكل قوة نحو أهدافهم التي يعرفونها، ولا يحيدون عنها، ليغتاظ حسادهم، ويفرح أحبابهم، فيبلغون القمة فيما حسادهم منشغلون بإعاقتهم فيبقى الحساد في أماكنهم، وتواصل أنت تقدمك، فلما تبلغ القمة لا يسع الحاسد إلا أن يجر نفسه خلفك ليتبعك، خصوصاً عندما يرى التفاف أحبابك من حولك، فتكون أنت في بؤرة الحدث، ويطوف حولك من أحبك ومن حسدك، وتسمو أنت بأخلاقك حين تعامل الجميع بكرم وإحسان، وتنسى إساءة من أساء وتربط قلبك بمن وسعت رحمته كل شيء، فيمدك بقبس منها فتسع من أساء إليك ويشمل إحسانك الناس كلهم، وتعلو وتسمو، وتتولى أنت القيادة بأخلاقك وشيمك، وبتوفيق الله لك، وبعد كل هذا لا بد وأن يسكن قلبك تواضع جم حتى لا ينصرف عنك الخيرون، وحتى لا يضيع ثواب كل ذلك التعب، وتبقى أنت في المقدمة بمنّ الله وفضله، وبعلوك الروحاني الذي لولاه ما سموت، ولا علوت، ولا تبؤأت مكانتك.
هناك تعليقان (2):
جديدك جميل ورائع اخ أحمد للمزيد من التألق والابداع
بوركت ودامت تعليقاتك الراقية.
تحياتي لك أخ محمد
إرسال تعليق