الثلاثاء، 3 يناير 2012

اسقاط التعالي

لا تعجبن إذا علمت أن كل متكبر يستشعر نقصاً يفوق الوصف فيسعى بكل قوة لانكار نقصه الفطري البشري، ثم يتحول من  انكاره هذا إلى حيلة دفاعية أخرى هي التعويض الزائد فيزعم كمالاً، وفهماً وإدراكاً وقوة، ومزايا ليست في أقرانه، وقد يراه الناس مجرداً منها، لكنه يوهم نفسه بذلك فيعامل غيره بتعالٍ ويمشي في الأرض مرحاً يجر ثوبه خيلاء، ويكلّم الناس من أطراف أطراف أنفه، ويلبس جلباباً فضفاضاً أكبر من مقاسه حتى لا يكاد يبين، ويتمنى لو هدم كل الصروح التي تحيط به لأنها تخفيه عن الأنظار وتظهر تقزمه.
تلك صفات أصحاب الكبر والغرور، ولا يقتلهم مثل تحقيرهم بالانصراف عنهم، وعدم الاكتراث لحضورهم، وإعطائهم الحجم الذي يستحقون من خلال إهمالهم، علّهم يعيدون حساباتهم، ولا أظنهم يفعلون، ولكن إن فعلت ذلك بهم، فلتكن على حذر فإن بعضهم قد لا يغفر لك ذلك أبد الدهر، وربما كاد لك من وراء حجاب، وحاول اغتيالك من تحتك، إنها دعوة للحذر وليست دعوة للخوف، وإلا فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.

هناك 6 تعليقات:

محمد فايز صالح اسليم يقول...

جميل جدا
ننظر جديدك بفارغ الصبر
تحياتي لك على الدوام
وأقدر لك هذا التفكير الراقي بالكتابة المميزة
احترامي

Unknown يقول...

شكراً لك اخي محمد جزاك الله خيراً، كلماتك الجميلة ومتابعات أمثالكم هي التي تحفز فينا الهمة للكتابة.

ayatalk يقول...

فلتكن دعوةً للعلاج إذن ،، ليس الحذر أو الخوف :)

إن الاستعلاء سمتْ أناس لم تقدر الحياة أو الناس من حولها بالقدر الكافي ، أعتقد أن الأمر يحتاج منا خطوات في تصحيح المفاهيم حول الآخر (ليس بمعناها المعتاد بقدر ما أقصد كل شيء منفصل عن الذات)
التفسير النفسي الذي ذكرته رائع ، وليس الحديث حكراً في هذه السمة فحسب.. أعتقد أن كل تصرفاتنا في الحياة يجب أن تنتهج نهجا مغايراً لما تمليه علينا الأنا العليا التي باتت القيِّم الأقوى عليها !

بورك فكركم

Unknown يقول...

جميل تفتح الذهن والتفاته إلى العلاج غير أن ما دفعني إلى القول بالحذر كون الكبر عائقاً يمنع التعلم وتصحيح المفاهيم ذلك أنه يمنع صاحبه من الوقوف موقف المتعلم كونه يعتبر نفسه فوق ذلك، ولعلي أستذكر الأثر القائل "آفتان تحجبان العلم: الكبر والحياء" ذلك أن الكبر يمنع صاحبه من السؤال أو الاستماع تعالياً، والحياء يمنعه من فعل ذلك خجلاً.
أما بخصوص مخالفة الأنا (Ego)واتياع ما يمليه الأنا الأعلى الذي هو بمعنى الضمير (Super Ego)فأنا أتفق بكل تأكيد مع اتباع ذلك النداء الداخلي الذي يوجهك نحو الصواب بعد أن يتشرب المرء مبادئ التمييز من الكتاب والسنة.
دمت بعز، ودامت تعليقاتكم التي دائما ما تدفعني للغوص في المعاني أكثر فأكثر فتصبح الخاطرة أشد عمقاً، وأوضح وأجلى.

hana يقول...

ل أولئك ..
"ولا تمشِ في الأَرضِ مَرَحَاً إِنَّكَ لَن تَخرِقَ الأَرضَ ولَن تَبلُغَ الجِبَالَ طُولا"
أعتقد أن من كان يحمل تلك الصفات المذكورة آنفا من الصعب تغييره إلا أن يشاء الله ..
اللهم إنا نعوذ بك من الكبر
تحاياي . .

Unknown يقول...

أعتقد أن هذا صحيح إلى حد بعيد، ولذا قال الله عز وجل في الحديث القدسي:
العظمة ازاري والكبرياء ردائي ومن نازعني شيئاً منهما قصمته ولا أبالي.