تسترسل الأفكار كشعاع الشمس في سماء غائمة، يتسلل الضياء من بين تلك الغيوم، يصل دافئاً منيراً، يبعث في النفس الهمّة والنشاط، تتفاعل الأفكار في الرأس لتولد أفكاراً أخرى، ينشط فيك داعي الخير أيّما نشاط، فتتقلّبُ في الفراش كما فعل أبو مسلم الخرساني، فيسألونك كما سألته أمُّه: ما بك؟ فتجيب همّة تناطح الجوزاء.
صورة جميلة شاعرية رائعة، تغدو ربيعًا زاهراً إن تبعها قيام ونهضة تحمل أحجارك، وترفع البناء فإذا هو شاهق، تراه شاهقاً لكنك سترى بجانبه أبنيةً تعلوه بمراحل، حتى يبدو بناءك بجانبها مصطبة، لا لشيء إلا لأنَّك بنيته وحدك، فإن يسّر الله لك في البناء أعوانًا بنيت بنيانا شامخاً شاهقًا بحق لا كالذي بني أولاً وخرجت من مرحلة المصاطب، ودرجت على أول مراقي ناطحات الغيوم لتصلك الشمس حزمًا حزمًا، يغمرك ضياؤها، ويشملك دفؤها، ولكن كلَّما ارتقيت وجب عليك مزيد من الاحتياط فلا بد لك من الانتباه للرياح العاتية في قمة الناطحات، والتحسُّب لبرودة الطقس في العلياء، ذلك أن للعمل الجماعي آفاتُه، فلا بد لك من الانتصاب قدوة تترفع عن الصغائر حتى لا تعصف بجمعك ريح التنافس، ولا بد لك من تربية تصون الجمع في سيره فلا يتفلت منه متفلّت، ذلك أنه كلما عظم البنيان زادت التحديات، ولا سبيل لحفظ الجمع على الدرب غير الإخلاص والتخلية الجالبة للتحلية، والإيمان جامع القلوب، والتوكل والتجرُّد، والتبرُّءُ من الحول والقوة إلا بالله فهو سبيل الخلاص، وجالبُ الألفة، لو أنفقت ما في الأرض جميعًا ما أّلّفت بين قلوبهم ولكن الله ألّف بينهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق