الاثنين، 31 أكتوبر 2011

من وحي الكتابة (1)

إذا هبت رياحك فاغتنمها..
أحياناً تزورني خاطرة فأرغب في كتابتها، وأمكث دقائق طويلة أنظم أفكاري، وأستجمع شتاتها أحاول أن أخرج منها ما خطر لي، ولكني أفاجأ بأن قلمي لا يسعفني، ويداي لا تواكبان سيل أفكاري، وأحياناً أفكاري تبقى مجرد خيالات مشوشة لا معالم لها، فلا تسعفني كلماتي في رسم معانيها بدقة، فأبدأ الكتابة كطفل يتعلم الحبو، او كصغير يتعلم السباحة.
لا أخجل أبداً من هذا الشعور، بل قد ينتاب هذا الشعور كل أحد حتى أولئك الذين لمعت أسماؤهم، وبرزوا أو برّزوا، ما أود تقريره هنا، هو أن صيد الخاطر فن راقٍ، وأن الخواطر لا تأتي في كل حين، بل هي ضيفة محبوبة مدلّلة تأتي وقتما عنّ لها، فإذا جاءت فشد وثاقها بالتدوين، ولا تدعها تفلت من بين يديك.
هذا الدرس في عالم الكتابة له انعكاس في واقع الحياة، فالحياة فرص، والنفس لها إقبال، وإدبار، فإذا سنحت لك فرصة، أو أقبلت نفسك ووجدت منها همة، وإرادة وعزيمة ورغبة في الجد والمثابرة، فإياك أن تضيع تلك الفرصة النادرة، بل تشبث بها وشد وثاقها، وتربص تربص المستبصر الخبير، وتريث وليكن انقضاضك على جوهر الفكرة في الوقت المناسب،ـ وحبذا لو كان قريباً من نهاية خاطرتك، فذلك أبقى أثراً وأعظم منفعة، لأن الأمور بخواتيمها، وآخر ما يقال هو أكثر ما يعلق في الذهن.

الجمعة، 28 أكتوبر 2011

الاختبار قبل الاختيار

أحيانا نجعل من الأمور الصغار كباراً، ونعطي لبعض الناس أوزاناً أكبر مما يستحقون، ونجعل لهم في القلب مكاناً ليسوا له أهلاً، ولا هو بمكانهم أصلاً، لأنهم لم يصلوا بأخلاقهم، ودينهم إلى تلك المرتبة، فنصدم بهم عند أول اختبار، ويرسبون، بل يتهاوون تهاوياً مدوياً، فلا يجني القلب إلا حسرة وألماً، كان في غنى عنهما لو أنه أحسن الاختيار منذ البداية، ولو أنه أعطى لهم الحيز الذي يستحقونه، فانزال الناس منازلهم نعمة كبرى، تجنبك الحسرة والألم خصوصاً في قلبك، فإنه مكان غال وسامق لا يجوز أن يدخله الناس ويحتلون فيه أماكن مميزة قبل أن يثبتوا أنهم اهل لذلك، بالفعل لا بالكلام، لذا درس اليوم اختبر قبل أن ترافق، واختبر مرة ومرة قبل أن تصاحب، واختبر ألف مرة قبل أن تحب، فقلبك ليس محطة قطار، بل يجب أن يكون مقاماً لمن يستحق، وفق مراد الله وأمره.
تدبر هذه النصيحة الغالية وتمعن فيها فهي تصلح في كل زمان ومكان، ومع كل أحد تتعرف عليه، وهي غالية نفيسة تجنبك آلاماً أنت في غنى عنها، وتجنبك الولوج في تجارب مقطوعة الأمل، مبتورة المستقبل، تطعنك في خاصرتك مرة بعد مرة، وإياك والمتطفلين، أولئك الذين يدخلون عالمك رغماً عنك، ويوسعون لأنفسهم مكاناً في الصدارة فلا تتركهم يفعلوا ذلك معك، وأعطهم حجمهم وحجمهم فقط، بذلك تنجو من مهلكات كثيرة، ومنزلقات خطيرة قد تنزلق إليها وأنت لا تدري، فكم من عاشق انتهى به عشقه إلى الانتحار فخسر الدنيا والآخرة، وكم من صديق أساء اختيار أصدقائه فكان مصرعه على أيديهم، ومن خلف ظهره بطريقة غادرة خسيسة، وكم من أحمق أرداك حيث أراد أن ينقذك، وأصابك حين أراد ينبهك، وكشف سترك حين رام أن يسترك، فالحذر الحذر فليس كل الناس أهل لصحبتك.

الخميس، 27 أكتوبر 2011

خيل جامحة

ليس من طبعي الانفعال السريع ولا العصبية الزائدة، لكن أحياناً يتصرف أحدهم بغباء متكرر حتى لا تستطيع معه أن تملك نفسك، فتنفلت من عقالك، وتطيح بمن حولك كخيل جامحة، لا تميز بين غث ولا سمين، وتطوف تحطم أجمل ما لديك، تكسر كل ما حولك من تحف ومقتنيات جمعتها على مر السنين، بل والأدهى والأمر أنك تكسر ما هو أغلى من ذلك تكسر معان جميلة وصداقات حميمة كونتها على مر الأيام والسنون، كل هذا في لحظة غضب..
تنتهي ثورتك، وتجلس بعد ان افرغت طاقة غضبتك، وتتفقد خسائرك، وتحسب ما جنت يداك، فتجد أن ما فعلته بنفسك فاق كثيراً ما فعله بك اعداؤك، وأنك خسرت من كان من المفترض بهم أن يكونوا إلى جوارك، يساندونك في محنتك، ويقفون معك في وجه عدوك.
هذا هو نتاج الغضب الطائش، والانتصار الغير متعقل، وتتبع الانفعالات غير الموزونة، خسارة أفدح من مصابك بفعل يدك، لذا لم تكن الشدة بالصرعة بل كانت الشدة لمن يملك نفسه عند الغضب، فلا تزيدوا خسائركم، ولا تضيفوا لأنفسكم أعداء جدد، في لحظة طيش حمقاء، أو عصبية مجنونة، أو تحت تأثير فعل مستفز، وخيط رفيع يفصل بين غضبة محمودة، وطيش أحمق، فراقب نفسك عند غضبتها، ولا تبدد أغلى ما تملك.
وليتني أكون أول الممتثلين.

الأحد، 23 أكتوبر 2011

عينك على الهدف


ما أجمل الحياة حينما تكون مفعمة بالحيوية ونابضة بالحياة... يومين من العمل المتواصل، ليلها مع نهارها، لا أكاد أتوقف تماماً كما مترو القاهرة، وكما إيقاع الحياة فيها.. تتسارع مع كل دقيقة، ويتسابق الناس في مضمار ملعبها، ولكن.. لكل وجهة هو موليها..

جربت العمل في أشياء لم أعتدها من قبل، تجربة جديدة.. أقيد خاطرتي هنا ولا أترك المجال لأحدثكم عنها، من باب استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، والي يداري على شمعته تقيد على رأي أحبتنا المصريين...لكن أعدكم إن شاء الله بالإفصاح عمّا قريب.
المهم.. ما دفعني للكتابة هو تلك الحالة من النشوة والسعادة.. لطالما كتبت عن الشعور بالتعب، وقرّرت مرة بعد مرة من تجارب الحياة الطويلة بأن التعب ليس قرين المجهود الكبير، بل هو قرين شعورك أنت.. فطالما شعرت بالاستمتاع، والنجاح فلا تعب ولو عملت بلا توقف، وحتى إن تعبت وأسقطك التعب في النوم كما حدث معي الليلة، فإنك تقوم بكل عناد لتواصل ما بدأته بكل همة ونشاط.. إن الذي يقتل الهمة هو الإحباط، وشعورك بالفشل.. لذا إياك أن تتسلل إلى نفسك ذرة من فشل، أو معشار من يأس... بل استعن بالله ولا تعجز، وليكن رأسك عنيداً، ,وعزمك حديداً، وإرادتك كالفولاذ، وعينك على الهدف، وجاهزيتك في أعلى حالاتها، فإن لاح الهدف اقتنصته بلا تردد، وحصلت مطلوبك، وحصدت ثمار تربص طويل.

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2011

درس مدفوع الثمن..


كثيرا ما درسنا نوابغ الفتيان منهج حل المشكلات، ومهارات التفكير العلمي.. وأطلنا الحديث حول ضرورة جمع المعلومات قبل الشروع في أي عمل.. 


اليوم أراد الله أن يعلمنا درساً بأننا مهما بلغنا من العلم، ومهما حاضرنا في الناس ووعظناهم، فنحن بشر..
قد نقع فيما نحذر منه الناس.. ونتصرف كأننا بلا خبرة
اليوم ذهبت إلى جامعة طنطا لأحول لأحد الزملاء من الجامعة إلى معهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة وتكبدت مشاق سفر طويل فالمسافة بين المدينتين أكثر من 130 كم وبعد أن وصلت أخبروني باني يجب أن أسأل المعهد ان كان سيقبله أو لا.. ، وأنه يجب مخاطبة السفارة، ومن ثم تقوم السفارة بمخاطبتهم بأني الشخص المخول بتنفيذ التحويل نيابة عن زميلي...
المهم دون الخوض في تفاصيل ما قد حدث.. 
وقفت مبتسماً، ولنفسي مقرعاً ومعاتباً، أما كان يسعني أن أسأل عن تلك الإجراءات قبل مغادرة القاهرة..
أأسافر كل هذه المسافة لأسمع هاتين الكلمتين من موظف صغير يجلس خلف مكتبه المتواضع...
ثم قلت في نفسي هي دروس في التواضع، ودرس كبير يحضك على مراجعة منهج التفكير، والتزام المنهج العلمي في كل خطوة.. وتتبع خطواته بشكل دقيق.. أليست أول خطوة بعد الشعور بالمشكلة وتحديدها هي جمع المعلومات..
كلمةٌ إذن لنفسي أولاً ولكل أخ وحبيب...
تعلم.. واجمع معلوماتك، وبياناتك، ثم ضع حلولك المحتملة.. فاضل بينها.. رجح واختر الأفضل.. ثم عمًم تجربتك على مثيلاتها من المواقف توفر جهداً كبيراً، وتختصر مسافات طويلة... وتصبح حياتك رحلة من الإمتاع...
هذا كان درس اليوم الذي تعلمته...

الأحد، 16 أكتوبر 2011

أنت من يصنع الفرق..

يوم طويل متعب مجهد..
بداياته عند أ حرف النهايات..
شخبطات شعوري شخبطات كلامي..
اترك لأصابعي مطلق الحرية على أزرار لوحة المفاتيح المنهكة..
تسطر حالتين متناقضتين تجتمعان..
ملل تسلل لأعماق أعماقي، وهمة تنوي مناطحة السحاب...
أضحك ملء قلبي من تخريفات خواطري..
لكن بصدق هذا ما اشعر به..
وقت طويل يصرف، وقليل من الفائدة ترتجى..
هكذا كان يومي لم يكن صفراً لكن محصلته لم تتخط أرقام الخانة الواحدة على خط الأعداد..
لم يكن الاجهاد أبداً في يوم من الأيام نتيجة لمجهود عظيم بذل..
لكن الاجهاد يحدث دوماً عندما تكون النتائج أقل من المتوقع.. أو تكاد تنعدم..


رغم أني اقبع وحدي لكنني لست بمفردي، فقلبي مشغول ومعلق بعشرات الناس في كل مكان..
اشعر وكأني مشتت بين الف الف أمر، وكلها أولويات..


أرتب الأولويات مرة بعد مرة، وفي كل مرة أكتشف أني ما رتبتها ابداً بالطريقة الصحيحة..
أعيد ترتيبها..
أظلم أناساً، يتأخرون في الترتيب ولهم حق الأولوية...
وأظلم نفسي حين أخطئ في ترتيب أولويات أعمالي..
تلك حالة تجتاح كثيراً من القلوب، فتجهد..، ولكن لي معك يا نفس كلمة..
الأمر كله اجتهادات، فما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ فمنك..، ولكن..
للمجتهد إن أصاب أجران، وأن اخطأ كان له أجر..
هون عليك يا أنا.. 
والتقييم المستمر سر كل نجاح، والرضا بداية الفشل والقعود..
فلا يأس ولا استكانة، ولكن مع كل ملل، واجهاد بداية جديدة ملؤها الأمل..
وأنت من تصنع ذاتك، وانظر الى معنوياتك عند قراءة بداية هذه الخاطرة..
ثم انظر إلى معنوياتك مع نهايتها تدرك أن القوة في داخلك.. 
فأنت من يصنع الفرق..

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

إيذاءٌ مُهدى...


قد يشتمك احدهم فلا تملك إلا أن تقدر شتيمته لأنها ربما نبهتك إلى شيء كنت غافلاً عنه، فتكف عن حماقاتك، وتفاهاتك وتعيد لنفسك هيبتها واحترامها.. عندها ليس أمامك إلا أن تمتن له ولو من بعيد...
فكلماته الجارحة حتماً أهدت إليك معروفاً وجعلتك تستفيق من تيه كنت فيه.. ويعظم شعور الامتنان إن كان خطؤك متعدياً، فكنت تسيء لأناس كنت تحبهم، وأنت لا تدري أنك تسيء إليهم..
حقاً إن الغفلة من أعظم المصائب والأبواب التي ينفذ منها إلى المرء.. ولولا مرايانا من اخواننا ما تنبهنا، ولولا زلات ألسنة حسادنا ما تداركنا، والويل لنا ان لم نخصص وقتاً للمحاسبة..
فتنبهوا وليراجع كل منا حساباته قبل أن يكون ولاة حين مندم..

جد السير

نسافر في قطار.. تقابلنا في محطاته شخوص وأحداث، فكل محطة لنا تجسد معنى نتعلمه، أو خبرة نستفيد منها، بعضها  يحمل معان ايجابية تزكو بنفوسنا، وتمدنا بطاقة تدفعنا على المسار دفعاً، وبعضها.. لا شغل لها إلا إعاقتنا، ولو أعطيناها أكثر من حجمها قتلتنا، وأقعدتنا، ولو أعطيناها أكبر من حجمها لفرحت تلك الشخوص التي تقف من ورائها في خفاء، والتي طالما دبرت وكادت.. لذا لا يجب أبداً ألا نتوقف عند تلك المحطات كثيراً لتصبح نهاية المطاف، بل إن العزم هو تجاهل الإساءة ومواصلة الدرب، فهو عين الجهاد، وذورة سنام المقاومة..، وصلب جوهر الإرادة..
فما دمت أنت سائق القطار بخير، فلا تضيرك همهماتهم، ولا نجواهم، ولا حسدهم، ولا بغضاؤهم، فالمحطات تمر وتذهب بسرعة والركاب لكل وجهة هو موليها، فيمم وجهك شطر مبتغاك، ولا تلتفت عن مقصودك ليبقى القطار مستقراً في مساره، وتبقى عيناك على الطريق، ولا تحزن ما دامت الطريق سالكة، وقضبان السير أمامك موصولة، فالوصول مسألة وقت ليس إلا، وطول الوقت أو قصره مرتبط بتركيزك على الطريق، وتجاهلك لكل معيق، فجد السير يا رفيق...

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

رسالة باسم أسير بمناسبة صفقة التبادل..



آن الأوان أخيراً أن ارى الشمس دون أن تتراءى لي قضبان السجن تحجبها، آن الأوان لأن أحتضن أطفالي وألمسهم، لن اراهم بعد اليوم من خلف حواجز، لن يحرمني منهم أحد، آآآآآآآآآه يا أمي سأكحل عينياي بمرآك ثانية.. وزوجتي لا لا تريني دمعك الدامي، صبرت فنعم الصابرين يا خير زوجة يا أم أطفالي.. أنا عائد إليكم جميعاً لترب الوطن لجدران البيت، لصحبة الأحباب، للبدء من جديد، لمواصلة السير، لاستكمال المشوار..
لكم اشتقت إلى ضياء الشمس، وحنان أمي، والسكن إلى زوجتي، وملاعبة أطفالي..
أماااه.. اشتقت لترب الأرض اعشقه، واشتقت للسماء ارنوها، واشتقت لخبز القمح معجوناً بيديك المتوضئتين، ولطبخك المعبق بأنفاسك الطاهرة..
أماه أسمعت أنباء صفقة أنجزت، وتبادل قد حدث، أماه ما فك قيدنا غير قوةٍ دكت حصونهم بكل عناد.. أخبري فصائلنا بضرورة الإعداد لإخراج من بقى خلف القضبان مصفداً في الأغلال.. أماه أخبريهم أن خلفي إخوة ينتظرون شاليطاً جديداً ليحلقوا في سماء بلادي.. أخبريهم أن حمائم الاشجار نادتنا في أيكها، وأننا في شوق لنلبي نداءها.. أخبريهم أنه أجمل خروج نعم خرجنا ونحن كما نحن معنا عزتنا وكرامتنا.. أخبريهم أنا خرجنا رغم أنوف الظالمين، خرجنا وأصابعنا في عيونهم تفقؤها، وعيوننا تقول لهم سنذيقكم باسنا مرة بعد مرة..
ما أجمل العزة في كل أوان.. نعم خرجنا بكل فخر، نتلحف كبرياءنا، وقاماتنا تناطح الجوزاء في عليائها... نحن الآن نقول بملء الفم..
مقاومتنا لا تنسى أسراها..
شعبنا لاينسى من ضحى لأجله...
مرة أخرى الحقوق لا تعطى ولا تمنح ولكنها تنتزع انتزاعاً..

الاثنين، 10 أكتوبر 2011

روعة الانتباه..



أحياناً تأ خذك الغفلة بعيداً.. تسرح، تمتطيك نفسك دون أن تشعر.. تقاد من غيرك بملء إرادتك، وأنت لا تدري.. تسير في دروب لم تعتد على السير فيها تساهلاً أو تهاوناً، أو جهلاً، أو دون انتباه..
ثم..
تأتيك صفعة مدوية تعيد لك اتزانك، وترد إليك روحك، وتزرع بذور التوبة في قلبك، فتستفيق من غفلة طالت، وكادت أن ترديك، أو على الأقل أن تؤذيك..
يا الله ما أجمل الارتباط بك يا رب سبحانك تعطي فتمنع، تمنع فتعطي... أليست الابتلاءات، وإيذاءات الناس لك مؤذية لكنها أحياناً نعمة... أيما نعمة.. لأنها تعيدك إلى جادة الصواب، وتجلو عن قلبك أدران المعاصي، وتنير لك مصباح البصيرة الذي قد يخفت نورة بسبب الغفلة..
إنها روعة الانتباه

الأحد، 9 أكتوبر 2011

قبل أن يخر السقف..



أسوأ ما يمكن أن يصيب البشر الميل للتصنيف وتجزيء المجزأ وتفتيت المفتت.. قتلتنا حزبية حمقاء، وداهمتنا "نخبة" دهماء، تربعت على عرش شعب مكافح في أحرج المراحل، وأدارت القضية بكل غباء، فسارت بنا نحو انقسام من الوريد إلى الوريد، شمل كل تفاصيل الحياة، وأورثنا أحقاداً لا نزال نعالجها إلى يوم غدٍ، يا أصحاب أحلام العصافير، اكبروا وانضجوا وارحموا الشعب من تفاهاتكم، وأعيدو لجسد فلسطين اللحمة بعد أن مزقته مراهقاتكم...
فمن المحزن أن نرى أناساً ممن ينظر إليهم على أنهم قادة قكر، وأصحاب رأي ومشورة _ ينساقون خلف تلك المشاعر السطحية الساذجة ويتصرفون بناءً على انطباعات، وانتماءات وولاءات حزبية مقيتة، وهم في ذات الوقت يرجون للمجتمع صلاحاً، وينشدون بزعمهم عدلاً، فيظلم من لا حزب له، ويسحق من كان معادياً، وتقسم الكعكة بحسب النفوذ، ويرفع العباد أكف الضراعة إلى مولاهم يشكون ظلماً وجوراً، فتتزعزع عروش كانوا يظنون أنها تزداد رسوخاً، ويتقوض حكم تمنوه رشيداً، كل هذا لأنهم جهلوا سنن الله الكونية التي اقتضت أن يقيم الله دولة الكفر العادلة ولا يقيم دولة الاسلام الظالمة...ولكن..
يبقى أمل.. وأملنا معقود على أصحاب الفكر، أولئك الذين عركتهم الحياة، فخبروا مسالكها، أولئك الذين تمرسوا على أن يوجهوا، وينصحوا، ويبينوا وأجرهم على الله، لا يبتغون منزلة، ولا يطلبون جاهاً، ولا يخطبون وداً، بل الله غايتهم، وسعادة الناس مطلبهم، ويتجاوزون جراحاتهم ليقفوا شامخين كالأعلام، ومرشدين كفنارات البحر المضيئة، ومترفعين على درب عبد الرحمن بن عوف، حالهم كحال أهل الجنة يقولون على الدوام: اللهم لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا...

إن الحالة الراهنة في فلسطين لا يقتصر تشخيصها على فلسطين وحدها، بل كل الأمة باتت مستهدفة اليوم بالتقسيم، والتجزئة لتباع ثروات الأمة على أرصفة المجتمع الدولي بأثمان بخسة دراهم معدودة، فيا كل العقلاء، أيها المشتغلون بالسياسة، داووا الجراح، ولموا الشمل، وجمعوا ولا تفرقوا، واعلموا أنكم وخصومكم في نفس السفينة وإن غرقت فستغرق بكم جميعاً، فتنبهوا.. تنبهوا..
تنبهوا قبل أن تغرقوا في ظلمات بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج، من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض، فتصلون لتلك المرحلة التي فيها إذا أخرج أحدكم يده لم يكد يراها..

لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها...... ولكن أحلام الرجال تضيق.


السبت، 8 أكتوبر 2011

وحشة الأهل..والوطن



كثيرين يتمنون السفر بعيداً ففي السفر كما يقولون سبع فوائد..
لكن ما أن تغادر قدماك وطنك، وتلامس أرضا غير ارضك حتى تحن لترابها... ربما لم أشعر بهذا الحنين بادئ الأمر لفرحتي بخروجي من غزة بعد 11 عاماً لم أسافر فيها خارجاً.. لكن ما أن مرت أيام قلائل حتى شعرت بوحشة ما بعدها وحشة.. ملل.. وحدة.. وغربة.. صحيح أن المصريين شعب طيب المعشر اجتماعي جدا لابعد حد، وانسجمت معهم سريعاً.. لكن هناك حنين عجيب...
ما أن تنتهي من شيء تعمله.. وتصبح خالي البال حتى يطرق سمعك، ويتراءى لك كل من تركت خلفك من أحباب... وذكريات.. وتنشغل فلا فراغ...
حنين الغربة يعطيك فرصة لتأمل أشياء لم تكن تنتبه إليها.. ترى في بلدك جمالاً لم تكن تلتفت له... ويزداد حنينك، ثم تبدو لك أموراً كنت تحسبها عظيمة وجسيمة تبدو لك صغيرة تافهة، تتبدل نظرتك للأمور ربما لأنك تراها من بعيد فلا ترى التفاصيل، أو لأنك تراها من بعيد فتأخذ صورة كلية للأشياء فترى أشياء لم تكن بادية لك في المشهد وأنت على رقعة الشطرنج...
الشيء الذي لا شك فيه هو أن السفر يغير نظرتك للأشياء، ويعطيك فرصة للتأمل فيما فات وفيما هو حاضر وفيما هو آت...
فلسطين يا كبدي ونور عيني قلبي هناك تركته فيك، وجسدي قد رحل، لكن روحي معك طوال الوقت.. لا لن أنساك أبداً يا أمي وكيف أنساك وجسدي من طينتك الطاهرة..
تحية ممزوجة بكل احاسيس الحنين أرسلها إلى كل أحبابي في فلسطين...

الجمعة، 7 أكتوبر 2011

أمة اقرأ لماذا لا تقرأ (الحلقة الثانية)



المحور الثاني الذي نود التركيز عليه في استعراضنا لأسباب عزوف الأمة عن القراءة.. هو كثرة المشتتات، والملهيات، فلم يعد الكتاب وسيلة التسلية الوحيدة كما كان من قبل، بل دخل على الخط يستنزف أوقات الناس متغيرات كثيرة، كالجوالات والحواسيب المحمولة، والبرمجيات المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي كالتويتر والفيس بوك، وهموم العمل، وطلب لقمة العيش التي يظل يلهث خلفها متعلمو الأمة معظم أوقات النهار، وهكذا تجد أن أفراد الأمة مستهلكون وتائهون بين دهاليز الملهيات، وأعباء المطالب الحياتية اليومية، وكثيرا ما يقع أبناؤنا فريسة للإدمان التلفزيوني أو التقني وهم لا يشعرون، بل وبعض الآباء يقعون في هذا ولعل ظاهرة خرس الأزواج التي طالما تحدث عنها الكاتب الساخر أحمد رجب في كتاباته المختلفة تعد انعكاساً لهذا الإدمان بين الكبار حيث ينعدم الحوار بين أفراد الأسرة بسبب ادمانهم على التلفاز أو الحاسوب أو الجوال أو ما شابه ذلك...
وعلى الجميع مسئولية التنبه لهذه الأخطار الداهمة، والبحث عما في القراءة من متعة وإبرازها بل واستغلال تلك الوسائل للترويج لظاهرة القراءة، ومهاراتها، وإجراء المسابقات الخاصة بها، وغير ذلك من الوسائل، لكي نواجه هذا الطوفان من الملهيات، والمشتتات...
وربما نحن بحاجة لحلقات خاصة مفردة عن الادمان على وسائل التكنولوجيا الحديثة وخطره على افراد المجتمع كباراً وصغاراً...

الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

الناس معادن..



والمعدن النقي النفيس هو وهو فقط الذي ينفع صاحبه في وقت الحاجة..أما المعادن المغشوشة وحتى إن كان لها بريق... فهي لا تنفع صاحبها أبداً..ولذا فانتق لصحبتك..وإياك وكثير الشك، وظان السوء، فإنه يوردك المهالك وينزلك المزالق ثم يعود إليك بعد كل مرة معتذرا هذا ان عاد وان سلمنا بسلامة طويته، ما لم يكن يستهدفك لشره....فإياك أن تعاديه وإياك أن تصادقه لأنه في الحالتين سيؤذيك...مما خطر لي من مدرسة الحياة...

بمناسبة معرض فلسطين الدولي للكتاب..أمة لا تقرأ لماذا لا تقرأ؟! (الحلقة الأولى)


تساؤل معقد لإجابته جوانب متعددة وهي ظاهرة بحاجة إلى سبر وتحليل، ولذا فإنني سوف أكتبها على حلقات محاولاً جهدي أن أغطي جوانبها المتشعبة وأشكر اخي م. عماد صيام مدير عام المراكز الثقافية ببلدية غزة لأن مشاركته على صفحة المركز على الفيس بوك والتي يتساءل فيها عن هذا الأمرهي التي دفعتني لكتابة هذا الموضوع.. ولأن تخصصي تربوي بحت، ولأنني مارست التربية كثيراً معلماً، وأباً، ومربياً، ومرشداً، ومديراً.. فكان من الطبيعي أن أستهل تحليلي للظاهرة من النواحي التربوية المباشرة أولاً..
أقول وبالله التوفيق..
إن القراءة تتعلم من الصغر.. ونحن حقيقة لا ننتبه لتعليم أبنائنا القراءة منذ نعومة أظفارهم.. وضعف القراءة سببه الحقيقي تأخرها في سلم أولويات التربية عند الآباء..، وإن تقدمت في الأولويات كما يحدث في المدارس فهي تأخذ طابع الإجبار لا الاختيار، والحث والتشجيع.. الأمر الذي يجعلها خبرة تربوية سيئة في ذاكرة الأطفال مما يضعف إقبالهم عليها عندما يكبروا، ,لو أنهم حثوا عليها وذكرت لهم مميزاتها وتحدث لهم بعض المربين عن استمتاعهم بالقراءة لربما كان ذلك أجدى نفعاً، وأيسر حالاً في تحبيبهم لها.. ولكن غالب معلمينا لا يقرؤون وكذلك الآباء، فيفتقر الطلاب لمشاهدة النموذج القدوة الذي يقلدونه، كما أن قليلاً من الآباء من يحضر لولده قصصاً مصورة وهو صغير كي يعوده على القراءة وفي الحقيقة لا يجب أن نلوم الشباب او الطلاب بل يجب أن نلوم الكبار كل الكبار الذين قصروا في تعزيز القراءة عند النشء..

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

من هو البطل الحقيقي في مصر..


في مصر البطل الحقيقي هو المرأة المصرية...
عجيبة حالها... إنها رمز الكفاح، فهي بحق مطحونة في دواليب الحياة.. عندما رأيتها للمرة الأولى بعد غياب دام 11 سنة عن أرض الكنانة... حزنت كثيراً،، فالأوتوبيسات في مصر غاية في الازدحام حتى المترو لحق به قطار الزحام.. ووسائل المواصلات متعبة جداً، ومرهقة... فنسبة كبيرة منها بها محركات عالية الضجيج، وبعضها لا تشعر بأنه مستقر على ارضية الشارع، وناهيك عن مترو مصر الجديدة الذي كنت استقله ذاهباً إلى جامعة عين شمس... هذا يشبه الارجوحة يذهب يمينا ويساراً مع صوت عال مزعج.. ولو كنت جالساً أتعبك فما بالك بالوقوف... كل هذه المعارك تخوضها المرأة المصرية كل يوم.. كنت أعود إلى شقتي منهكاً بعد عدة ساعات، وغالباً ما كنت اتذكر ان الام المصرية مطلوب منها بعد هذا الماراثون الشاق أن تعود إلى منزلها وتطعم أولادها، وتذاكر لهم دروسهم، وتنتبه لحاجيات زوجها، وواجباته، فأقرّر.. كم هي عظيمة الأم المصرية..
حفظ الله مصر، ورعى شعبها.. وبارك الله في رجالها ونسائها..
مما خطر لي 4/10/2011